الاَخر الحبشي فى كتابات الشيخ أحمد الحفني القنائي الأزهري سنة ١٩٠٣م
فى الوقت الذى كثرت فيه الأقاويل هذه الايام حول انسداد الأفق فى الحوار المصرى الإثيوبى حول موضوع سد النهضة، وتوجيه الاتهامات حول سبب هذا التجميد، وغطرسة اثيوبيا فى هذا الباب، تأتى كتابات الشيخ أحمد الحفنىالقنائى حول الاَخر الحبشىفى بداية القرن العشرين، لتمثل نوعًا من المثاقفة والحوار مع هذا الاَخر، ومحاولة مهمة لاستكشاف المشتركات معه،لتعطينا مثالًا لشيخ أزهرى تعامل مع الحبشة والاحباش بشكل ايجابى، ولفت نظرنا الى أوجه النقص فى ثقافة التعرف على المشتركات بيننا وبين الاخر، لتفادى المشاكل التى كانت مصدر القلق والمعاناة، ويعود الاصل فيها لعدم الفهم. لهذا يمكن القول بأن تاريخ الحبشة الذى كتبه الشيخ أحمد الحفنيالقنائىالأزهري سنة ١٩٠٣ تحت عنوان «الجواهر الحسان فيما جاء عن الله والرسول وعلماء التاريخ فى الحبشان»، والذى قدم له شيخان من شيوخ الأزهر الشريف، هما الشيخ سليم البشرىوالشيخ حسونة النواوي، وأشاد به خطباء ورجال تعليم أزهريين، مثل الشيخ حسن السقاء ومحمد أفندي غنيم واسماعيل بك رأفت واسماعيل على،يعد مساهمة متميزة فى فهم تاريخ الأخر الحبشي، وقراءة واعية فى أحداث الحبشة السياسية المعاصرة للمؤلف. ولعل النظر للمصادر التى رجع لها الشيخ الحفني، وشهود العيان الذين أخذ منهم، واستنتاجاته المهمة التى توصل لها، ليقول بأننا أمام مؤرخ مثقف وشيخ مدقق فى مجاله، وقارئ جيد لتاريخ الاَخر الدينى. بل إن محاولته ربط الماضيالأثيوبي بالحاضر الحبشيفى عهد منليكالثانى، وقت تأليف الكتاب، ليؤكد أننا أمام مؤرخ مبرز وعى تاريخ الأخر الحبشى، واقتفى آثاره السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فهضم ما قرأ، فانتج لنا كتابًا متميزًا ووثيقة تاريخيةتستحق مناأن نفرد لها دراسة خاصة، لنتعرف على منهجيتهفى الطرح، وأسلوبه فى الكتابة، وموضوعات الاَخرالتى تناولها ومناقشاته لها.