مفهوم القيم مع اعطاء نماذج من نصوص التوراة والقران الكريم
ملخــــــــــــص:
إن الحديث عن القيم هو الحديث عن أساس قيام أي مجتمع من المجتمعات، والمساهمة في رقيه وازدهاره، وتنشئة أفراده تنشئة صحيحة، وأساس بناء الحضارات والرفع من ثقافتها، وهذا لا خلاف فيه سواء بين أهل الملة الواحدة، أو باقي الملل الأخرى، لأنه لا يمكن أن نتصور وجود حياة مستقرة وطبيعية فوق تراب أي موطن إن انعدمت القيم بين أفراده،لأنه بانعدامها سينعدم السلم الذي هو أساس استقرار ونمووازدهار أفراده، وستسود محله الفوضى، وسيختل التوازن العيش الفردي والجماعي والدولي، وبالتالي سيكون هناك تقاتل وتناحر واعتداء على حرية الاخر، وبالتالي تسرب الخلل لاستقرار المجتمع وافراده، وهذا مما لا شك فيه ولنا في ديننا الاسلام خير دليل، كيف لا ونحن نعلم ان الله تعالى ما خلق خلقه عبثا وإنمالحكمة العبادة والاستخلاف وإعمار الارض وفق مناهج وسنن بينها تعالى لعباده، حيث يقول تعالى:» وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون«[1]. وهو أن الله تعالى استخلف عباده على الأرض من أجل إعمارهاوعبادته على أحسن وجه، وذلك لا يتأتى إلا بنهج منهج الاستصلاح والصلاح فوقها، لا العمل على إفسادها وتدميرها، حيث يقول الله تعالى: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ»[2].
وكيف يتصور أن يكون هناك استخلاف وإصلاح دون التحلي بالقيم الانسانية التي تربط بين العبد وربه، أو تربطه بغيره (الاخر)، فالقيم هي الحامي والواقي للعلاقات الانسانية فيما بينهم، من أجل التعايش والتكامل والتبادل والتفاهم، لأنه كما نعلم أن أحدنا يكمل الآخر، لأن الانسان بطبعه اجتماعي ويحتاج للآخر، ومن الصعب وجود إنسان منعزل عن الآخر وعن العالم، فالطبيب يحتاج للمعلم ويحتاج للمهندس ويحتاج للسباك إلى غير ذلك…، وبالمثل أيضا فكل منا يحتاج للأخر ليكمله، فإن انعدمت القيم الانسانية التي هي ركيزة التعامل بيننا فستختل العلاقات ويهدم الاستقرار، وينعدم التكامل، وتسود الفوضى وستكون الغلبة للأقوى وسنحيا حياة الغاب…
اذن ما مفهوم هاته القيم التي نتحدث عنها؟؟
[1]– سورة الذاريات، آية: 56.
[2]– سورة النور، آية 55.