الآخر الديني في التصوف الإسلامي: الرؤية الخديمية نموذجا، دراسة في المواقف والمظاهر
Abstract:
This article deals with the religious other in Islamic mysticism, taking the Khadimi ‘s vision as a model in the study of attitudes and manifestations.
The article aims to clarify the Islamic vision of the religious other, and that it is a monotheistic human vision that views the religious other as being human above all, with his dignity, honor and rights, and it recognizes him based on this human consideration, not a monotheistic view that sees man from a negative side such as blasphemy, atheism and polytheism, and adopting The relationship with him is based on this vision, and then rejects, excludes and abuses him.
And that the Sufi vision of the other, whatever its kind, is based on a set of human values and moral principles related in the Book and the Sunnah in terms of charity, honesty, sincerity, and so on. Moreover, the acceptance of the other and openness to it and the establishment of love, tolerance, and fairness relationship with him regardless of his religion, race, or color, played an important role in Making many religious others accept Islam.
Khadim’s vision of the religious other is derived from the Islamic vision of the world, life and man, and the global Sufi tendency. This vision appeared in many of Sheikh Khadim’s relations with the French colonialists from a religious, social, and economic aspect, which can be summarized in the following: worship by monotheism and calling to it, leading with justice and charity, setting things aright ( Islah) instead of spreading corruption( Fasad).
Keywords:
the religious other, Islamic religion, Islamic mysticism, Khadimi s’ thought.
الملخص:
تتناول هذه المقالة الآخر الديني في التصوف الإسلامي آخذة الرؤية الخديمية نموذجا في دراسة المواقف والمظاهر.
وتهدف المقالة إلى بيان الرؤية الإسلامية للآخر الديني، وأنها رؤية توحيدية إنسانية ينظر إلى الآخر الديني بكونه إنسانا قبل كل شيء، له كرامته وشرفه وحقوقه فيعترفه بناء على هذا الاعتبار الإنساني، لا رؤية أحادية التي ترى الإنسان من جانب سلبي فقط من كفر وإلحاد وإشراك، وتبني العلاقة معه على أساس هذه الرؤية، ومن ثم رفضه وإقصاءه والإساءة إليه.
وأن الرؤية الصوفية للآخر كيفما كان نوعه قائمة على مجموعة من القيم الإنسانية والمبادئ الأخلاقية الثابتة في الكتاب والسنة من الإحسان والصدق والإخلاص وغيرها، وأن قبولها للآخر وانفتاحها عليه وإقامة علاقة محبة وتسامح وعدل معه بغض النظر عن دينه أو عرقه أو لونه مما لعب دورا مهما في إسلام العديد من الآخرين الدينيين.
وأن الرؤية الخديمية للآخر الديني مستمدة من الرؤية الإسلامية للعالم والحياة والإنسان، والنزعة الصوفية العالمية، وقد ظهرت هذه الرؤية في عديد من علاقات الشيخ الخديم مع المستعمرين الفرنسيين من جانب ديني واجتماعي واقتصادي، والتي يمكن تلخيصها في العبادة بالتوحيد والدعوة إليه، والخلافة بالعدل والإحسان، والعمارة بالإصلاح بدل الإفساد.
الكلمات المفتاحية:
الآخر الديني، الدين الإسلامي، التصوف الإسلامي، الفكر الخديمي.
الآخر الديني في التصوف الإسلامي: الرؤية الخديمية[1] نموذجا، دراسة في المواقف والمظاهر
بسم الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فإنه قد تعددت الرؤى وتشعبت الأفكار والأنظار في الفكر الإسلامي عموما والتصوف الإسلامي خصوصا حول النظرة التي يجب أن تنظر إلى الآخر الديني، هل هي نظرة أحادية إلحادية أم هي نظرة توحيدية إنسانية؟، وما هي طبيعة العلاقة القائمة بين الإنسان المسلم والإنسان غير المسلم؟ هل هي علاقة عدائية عدوانية أم هي علاقة وسطية عدلية؟
وكيف كانت الرؤية الصوفية للآخر الديني، هل ترى إليه بعين رفض وإقصاء، أم عين قبول وإحسان؟ وكيف كان علاقة الشيخ الخديم[2] كعالم صوفي مع الآخر الديني المعاصر له والمتمثل في صورة المستعمرين الفرنسيين؟
وتأتي هذه المقالة محاولة الإجابة عن هذه التساؤلات معتمدة على الرؤية الخديمية الصوفية تجاه الآخر الديني، وذلك حسب المحاول الآتية:
المحور الأول: الآخر الديني في الدين الإسلامي: المفهوم والرؤية.
المحور الثاني: الآخر الديني في التصوف الإسلامي الرؤية الخديمية نموذجا.
المحور الثالث: مظاهر الرؤية الإسلامية الصوفية للآخر الديني في الفكر الخديمي.
هذا وبالله التوفيق وعليه التكلان في الإنجاز والتحقيق.
[1] ـ نقصد بالرؤية الخديمية تلك الرؤية المستندة إلى الفكر الخديمي، أي: (تراث العالم الرباني أحمد بن محمد بن حبيب الله السنغالي المشهور بالشيخ الخديم المتوفي سنة: (1346ه/ 1927م).
[2] ـ هو العالم الرباني الشيخ أحمد بن محمد بن حبيب الله السنغالي المشهور بالشيخ الخديم، ولد سنة (1854م) في السنغال، وكان عالما ربانيا فقيها صوفيا، لعب دورا مهما في تحرير بلاده السنغال من الاستعمار الفرنسي، توفي سنة: (1346ه/ 1927م)، وخلف الكثير من الإنجازات؛ أهمها: طريقته الصوفية المبنية على الإيمان بالتوحيد والإسلام بالفقه والإحسان بالتصوف، ومدينته « طُوبَى » التي تعد ثاني أكبر مدينة في السنغال بعد عاصمة « دَكَارْ » من حيث الكثافة السكانية والحالة الاقتصادية، وعديد من المؤلفات، منها: ديوانه في العلوم الدينية الجامعة لمنظوماته في العقيدة والفقه والتصوف والأخلاق، ينظر: منن الباقي القديم في سيرة الشيخ الخديم، لابنه الشيخ محمد البشير، وإرواء النديم من عذب حب الخديم، لتلميذه الشيخ محمد جوب الدكاني.