اللسانيات التطبيقية في الجامعة الجزائرية: إشكالية التعريف وخصوصية الانتماء

تحميل المقال  

مقدمة:

لا شك في أن الحديث عن أيّ علم والبحث فيه لا يستقيم له وزن معرفي إلا بضبط مجاله الذي يدور فيه، والتوقّف عند مصطلحاته والمفاهيم القائمة عليها، والنبش في أصولها ومرجعياتها، فيتبين بذلك موقعه من الاختصاصات المتنوعة المتداخلة، ويتمكن الدارس من مفاتيح وُلوجه؛ وهذه ضرورة إبستمولوجية يفرضها كل بحث علمي جاد، وبخاصة إذا كان هذا الحقل المعرفي في دينامية وتطور دائمين تتجاذبه العديد من العلوم والاختصاصات، كحقل اللسانيات التطبيقية المترامي الأطراف، والمتعدد المجالات؛ الذي أضحى يعُجّ بكثير من المصطلحات، والعديد من المفاهيم الوافدة من مختلف العلوم-كعلم النفس، وعلم الاجتماع، وعلوم التربية، واللسانيات-التي تتداخل حينا، وتتباين أحايين أخرى؛ مما شكّل عند تلقيه في الجامعات العربية عامة والجامعة الجزائرية خاصة؛ مشكلات وعقبات لدى طلاب الجامعات المنتمين إلى أقسام اللغة العربية وآدابها، حيث يصعُب عليهم فهم ما هو مبثوث في الكتب والمراجع العلمية واستيعابها بشكل سليم، ولعلّ أهم العقبات تلك المرتبطة بصعوبات الفهم الناتجة عن كثرة المصطلحات المتداولة، وتشعبها نتيجة تعدد مرجعياتها وطرائق وضعها ومصادر ترجمتها، ناهيك عن الاختلاف في توظيفها من قبل البحثة والجامعيين، وفي هذا السياق تتنزل هذه الورقة البحثية التي تسعى إلى الوقوف على الدليل الأنطولوجي لحقل اللسانيات التطبيقية، وتبيان الأسس المرجعية والمرتكزات المعرفية له، مع محاولة لاستجلاء خصوصية انتمائه من بين علوم اللسانيات الأخرى وتقاطعه المنهجي بين المبحث اللساني النظري والمبحث اللساني التعليمي، كما أروم من خلال هذا الطرح تسليط الضوء على المجالات المنضوية تحت هذا التخصص، والوقوف على واقع تعليميته في أقسام اللغة العربية بالجامعة الجزائرية؛ وعليه تطرح هذه الورقة جملة من التساؤلات-بغية الإجابة عنها في ثنايا البحث- لعلّ أهمها يقع فيما يلي: أي تعريف للسانيات التطبيقية؟ أهي علم قائم بذاته؟ أم فرع من علم اللسانيات؟ وما الأصول المرجعية المعرفية لحقل اللسانيات التطبيقية وما موضوعها ومجالاتها؟ وما واقع تعليمية هذا الدرس في الجامعة الجزائرية؟