نظرية العلم والمعرفة عند ابن برجان
مقدمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
يعتبر الإمام العارف بالله ابن برجان الأندلسي من أهم الشخصيات العلمية بالغرب الإسلامي خلال القرن الخامس الهجري(ت536ه) حيث «عرف بالمشاركة والتميز في مختلف العلوم والمعارف والأخذ من كل علم بأوفر حظ»[1] «مع المعرفة بالقراءات والتصوف مع الزهد والاجتهاد في العبادة»[2].
ورغم هذه المكانة العظيمة التي بلغها رحمه الله والاحتفاء الذي حظي به في كتب التراجم، إلا ان شخصيته العلمية لم تأخذ المكانة اللائقة بها في مجال الدراسات والأبحاث الأكاديمية، وما هذه البحث إلا محاولة للفت أنظار الباحثين إلى تراث هذه الشخصية الفذة في تاريخ الغرب الإسلامي.
وحيث إن ابن برجان(رحمه الله) من الشخصيات العلمية التي أثارت مجموعة من التساؤلات في زمانها، حتى أنه تعرض لمحاكمة على عقيدته وأقواله، التي صنفها خصومه بأنها مخالفة للشريعة الإسلامية، واستقدموه بسبب ذلك من إشبيلية إلى مراكش من أجل محاكمته، بل و وصل غضب السلطان منه إلى الأمر برمي جثته بعد وفاته في المزبلة، لولا لطف الله به وتحول جنازته إلى جنازة مشهودة بعد تدخل بعض أهل العلم والفضل[3]…
هذا التشكيك في عقيدة الرجل وسلامة منهجه والطعن في علومه ومعارفه و رميه بالقول بالوحدة والحلول!! تجعل من أولويات البحث في تراث شخصية ابن برجان رحمه الله. استقراء منهجه المعرفي لتحديد النظرية المعرفية التي صدرت عنها أقواله وعقيدته التي صرح بها في كتبه. والبحث في المحددات المعرفية والمنهجية التي انطلق منها ابن برجان في بناء نسقه العلمي والمعرفي، ثم مقارنة كل ذلك بالمنطلقات المعرفية المتعارف عليها في النظرية المعرفية الإسلامية، ومن هنا تتحدد أهمية البحث وقيمته.
وللوصول الى هذه النتيجة فإننا سننطلق من الأسئلة التالية:
- ما هي طبيعة العلم والمعرفة عند ابن برجان؟ وما هي مراتبها ومصادرها؟ وما مدى ارتباطها بالنظرية الإسلامية في مجال العلم والمعرفة؟
وبالتالي فإن البحث سيتناول ما يلي : - المبحث الأول: طبيعة العلم والمعرفة عند ابن برجان
- مفهوم العلم والمعرفة
- حقيقة العلم والمعرفة
المبحث الثاني: مصادر العلم والمعرفة عند ابن برجان
ثم خاتمة
[1] ابن الزبير الغرناطي، صلة الصلة، الطبعة الأولى، تحقيق شريف أبو العلي العدوي، ( مصر: مكتبة الثقافة الدينية، 1429ه) ص 32
[3] ابن الزيات، التشوف إلى رجال التصوف، الطبعة الثانية، تحقيق أحمد توفيق، ( المغرب: جامعة محمد الخامس، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، 1984م) ص 169