------المجلد الرابع------— 2- المؤتمر الدولي حول الآخر الدّينيّ في الفكر الإسلاميّ بين النّصّ والتّاريخ والواقع

الفكر الدّيني الإصلاحي الزّيتوني في تونس ودوره في إرساء ثقافة الاختلاف والتّنوّع وارتباطه بالقيم الكونيّة العالميّة ونبذه للعنف

تحميل المقال  

الملخّص

تهدف هذه الورقة العلميّة إلى إبراز كيفية تفاعل النخبة الإصلاحية الزيتونية مع الآخر الديني في سياق بنائها لمشروعها الإصلاحي السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي الشامل في تونس وفي الغرب الإسلامي عامة ، خلال فترة زمنية تزيد عن القرن من الزمان تقريب.

ذلك أنّ النخبة الإصلاحية الزيتونية المستنيرة في ذلك الوقت وهي تشيد مشروعها الإصلاحي الشامل كانت واعية تمام الوعي بضرورة التفاعل مع الآخر الديني باعتباره روح الشعب التونسي ورمز هويته وثقافته وحضارته، وركيزة عقائده وعاداته وتقاليده. إلّا أنّ تفاعل رجالات المشروع الإصلاحي الزيتوني السياسي الشامل مع الآخر الديني لم يكن تفاعلا استهلاكيا تقليديا شكليا جامدا، بل كان تفاعلا عقلانيا تحديثيا واقعيا توليفيا بين الأصالة والمعاصرة في إطار تمش منهجي وفكري إصلاحي حديث معتدل ومتوازن يأخذ بأصول الشريعة الإسلامية من جهة ويوائم بينها وبين الوارد الفكري الحضاري الغربي الإصلاحي المستنير من جهة أخرى.

فالنخبة الإصلاحية الزيتونية وهي تألم في عصرها لمظاهر السقوط والتقهقر الحضاري العربي الإسلامي على كل الأصعدة أرادت أن تبني مشروعها الإصلاحي الشامل لبناء الدولة الوطنية الإصلاحية الحديثة بالارتكاز أولا على خصوصية مرجعيتها العقائدية الدينية القائمة على مثلث فلسفة النقل(=النص المقدس ومذهب الإمام مالك) وفلسفة العقل (=عقيدة الإمام الأشعري) ثم فلسفة الروح (=طريقة الإمام الجنيد السالك في فلسفة التصوف وتزكية النفس) كل ذلك في سياق منهج فقهي عقائدي إصلاحي واقعي معاصر وهو فقه المقاصد الملائم لروح العصر ومستجداته ثم بالارتكاز ثانيا على أصول الفلسفات السياسية والاجتماعية والثقافية الغربية ذات البعد الإنساني الحقوقي وما تتضمنه من حريات فردية وسياسية جماعية مقيدة بالدساتير والقوانين العقلية والتي لا تتصادم في أهدافها وغاياتها مع أصول الشريعة الإسلامية وروحها ومقاصدها.

إذ أنّ تفاعل النخبة الإصلاحية الزيتونية مع الآخر الديني في إطار رسمها لأسس مشروعها الإصلاحي المتنوع لم يكن تفاعلا خطيا تقليديا محنطا جامدا، بل كان تفاعلا مرنا عقلانيا تجديديا مقاصديا واقعيا متفتحا على محيطه الكوني مستجيبا لروح العصر ومستجداته بما يخدم مصالح الإنسان المسلم الذي كرمه الله واستخلفه في الأرض لتعمير الكون وتشييد الحضارة الإنسانية دون إهمال لخصائص عقيدته الدينية النّقلية والعقلية ثم الروحية.

ذلك أن تفاعل النخبة الإصلاحية الزيتونية التونسية المستنيرة التي تفاعلت مع الآخر الديني بطريقة واقعية معاصرة ومعتدلة نذكر من أبناء الجيل الأول خلال القرن التاسع عشر العلامة المؤسس ورجل الفلسفة والعلم والحداثة الشيخ الصوفي محمود قابادو وتلامذته :خير الدين التونسي والجنرال حسين، ومحمد بيرم الخامس وسالم بوحاجب وغيرهم من أمثال الشيخ الوزير المؤرخ ابن أبي الضياف كما نذكر من أبناء الجيل الثاني اي جيل النصف الأول من القرن العشرين الشيخ العلامة محمد الطاهر بن عاشور والشيخ محمد الخضر حسين والشيخ عبد العزيز الثعالبي وكذالك الشيخ الطاهر الحداد وغيرهم كثير…

فالتفاعل مع الآخر الديني وفي سياق أي مشروع إصلاحي يستوجب دوما من رجال الإصلاح وفي كل عصر قراءة فكرية عقلانية واقعية متزنة للنص المقدس تراعي فيها الأبعاد الفلسفية الثلاثة :النقلية والعقلية والروحية للعقيدة الإسلامية في سياق فهم مقاصدي عقلاني واقعي للفقه الإسلامي يستجيب لمستجدات الواقع المعيش على مستوى سياسي واجتماعي وثقافي واقتصادي ثم علمي متطور وارد من الحضارات الإنسانية الأخرى غربية كانت أو شرقية بما لا يتصادم مع مقاصد الشريعة الإسلامية وأهدافها الإنسانية النبيلة السامية.

الكلمات المفاتيح: الآخر الديني / الإصلاح / الزيتونة / مشروع / التّفاعل

Zetonian reformist religious thought in Tunisia and its role in establishing a culture of difference and diversity and its association with universal universal universal values and non-violence
Dr. Salem Hamdi (Political Sciences) – Faculty of Law and Political Sciences – University of Manar-Tunisia

Abstract

This scientific paper aims to highlight how the olive reform elite interacts with the religious other in the context of its construction of its comprehensive political, social, economic and cultural reform project in Tunisia and in the Islamic West in general, over a period of more than a century. The then enlightened Olive reform elite, praising its comprehensive reform project, was fully aware of the need to interact with the other’s religion as the spirit of the Tunisian people, the symbol of their identity, culture and civilization, and the foundation of their beliefs, customs and traditions. However, the interaction of the men of the Zetonian Reform Project with the religious other was not a traditional consumer interaction, but rather a factual modernization between authenticity and contemporary within the framework of a moderate and balanced modern reform and intellectual movement that takes into account the origins of Islamic law on the one hand and harmonizes it with the enlightened Western reformist intellectual incoming on the other The olive reformist elite, in its time of pain at the phenomena of the fall and the decline of Arab-Islamic civilization at all levels, wanted to build its comprehensive reform project to build a modern reformist national State based first on the specificity of its religious doctrine based on the triangle of transport philosophy. (= Holy text, Imam Malik’s doctrine) and the philosophy of reason (= Imam Al-Ashiri’s doctrine) and then the philosophy of soul (= The method of Imam Junaid Salk in the philosophy of mysticism and self-esteem) is all within the context of a contemporary reformist doctrinal doctrine, which is the jurisprudence of purposes appropriate to the spirit of the age and its innovations and then, secondly, based on the origins of Western political, social and cultural philosophies with a human rights dimension and the individual and collective political freedoms contained therein which are constrained by constitutions and mental laws. The olive reform elite’s interaction with the religious other as part of its charting of the foundations of its diverse reform project was not a traditional stereotypical, stereotypical, but a flexible, rationally renewed interaction.

Keywords: Other Religious/Reform/ezzaytouna/Project/Interaction

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق